التفسير علم يعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات ويحتاج لمعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ ، وقد أكثر الناس فيه من الموضوعات ما بين مختصر ومبسوط وكلهم يقتصر على الفن الذي يغلب عليه فالزجاج والواحدي في البسيط يغلب عليهما الغريب والثعلبي يغلب عليه القصص والزمخشري علم البيان والإمام فخر الدين علم الكلام وما في معناه من العلوم العقلية .
وأعلم أن من المعلوم أن الله تعالى إنما خاطب خلقه بما يفهمونه ولذلك أرسل إليهم رسول بلسان قومه وأنزل كتابه على لغتهم ، وإنما احتيج إلى التفسير لما سنذكر بعد تقرير قاعدة وهى أن من وضع من البشر كتابا فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح وإنما احتيج إلى الشروح لأمور ثلاثة أحدها كمال فضيلة المصنف فإنه لقوته العلمية يجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز فربما عسر فهم مراده فقصد بالشرح ظهور تلك المعاني الخفية ومن هنا كان شرح بعض الأئمة تصنيفه أدل على المراد من شرح غيره له , واحتمال اللفظ لمعان ثلاثة كما في المجاز والاشتراك ودلالة الالتزام فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنف وترجيحه وقد يقع في التصانيف ما لا يخلو منه بشر من السهو والغلط وتكرار الشيء وحذف المهم وغير ذلك فيحتاج الشارح للتنبيه على ذلك .
وإذا علم هذا فنقول إن القرآن إنما أنزل بلسان عربي مبين في زمن أفصح العرب وكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه ، أما دقائق باطنه فإنما كان يظهر لهم بعد البحث والنظر من سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم في الأكثر كسؤالهم لما نزل ( ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) فقالوا أينا لم يظلم نفسه ففسره النبي صلى الله عليه وسلم بالشرك ، واستدل عليه بقوله تعالى ( إن الشرك لظلم عظيم